في اليابان التي تمتاز بطبيعة ساحرة، سيقوم الأمير محمد علي بزيارة أهم المدن الحافلة بالمعالم التاريخية والصناعات والأسواق والفنون والآداب. تأتي أهمية هذه الرحلة الوارد ذكر تفاصيلها هنا أنّها جاءت بعد انتصار اليابان على روسيا القيصرية، بينما يضفي طريق السفر الذي اختاره الرحالة مسحة جذابة عليها. ولعلّ خلع السلطان عبد الحميد كان السبب الذي جعل الأمير يسافر من الإسكندرية إلى موسكو عبر إيطاليا والنمسا، من موسكو سيستقل الأمير القطار الذي يعبر سيبيريا مسافة تقارب عشرة آلاف كيلومتر وصولاً إلى بحر اليابان، ثم عبره إلى تلك البلدان. تحفل الرحلة بمشاهد مما يحيط بهذه السكة من مزارع وملامح خاصة بالمكان والسكان، وبوصف حي للمحطات التي مر بها المسافر، دون أن ينسى الإشارة إلى قطّاع الطرق الذين كانوا يتنكرون بزي مسافرين عاديين. يذكر لنا الأمير في رحلته أسباب القوة الصاعدة لهذا البلد، ويعاين مظاهر نهضته وتقدُّمه، ولا يكتفي برصد مشاهداته، وما خبره من أحوال البلاد وأهلها، وإنما يضيف إلى ذلك خلفيات تاريخية وجغرافية دقيقة، ويُسبِغ على ذلك كله رؤيته الفلسفية والتأمُّلية التي يصوغها بلغة رائقة وأسلوب جذَّاب.