لاشك أن الأسطورة تعبير عن طفولة العقل الإنساني في رحلته الطويلة والمضنية، كما أنها شكل من أشكال الامتلاك الرمزي للعالم، ولكن ألا نجد في هذه الطفولة بالذات وفي هذا الامتلاك الرمزي للعالم دهشة الإنسان وأسئلته الأولى عن الطبيعة والله وبداية محاولاته لاكتشاف ذاته ككائن مستقل وحر إزاء الأشياء وجبروت الطبيعة وطغيان الملوك والسادة.ولو لم تكن الاسطورة تحمل هذه الأبعاد، فكيف يمكننا أن نفسر ذلك الحنين إلى العصر الذهبي الذي تجسده وتلك الاستعدادات المتكررة منذ قرون لدى كبار الشعراء والأدباء والموسيقيين وفي مختلف الأجناس الأدبية.
وهذا الكتاب الذي نقدمه اليوم يضع بين يدي القارىء أهم جهد أدبي بذله كاتب عربي للتعريف بأساطير اليونان. وذلك في أسلوب رفيع تميز به دريني خشبة في كافة مساهماته الأدبية.