رغم أن تورجينيف كان ينتمي بالنشأة والفكر والشعور إلى جيل المثقفين النبلاء التقدميين، فإن هذا الانتماء لم يمنعه من أن يصور الحقيقة في رواياته حقيقة انتقال لواء قيادة الفكر والتطور القومي في روسيا في الستينات من القرن التاسع عشر إلى أيدي الثوار الديموقراطيين من أبناء الطبقة المتوسطة. وهو التحول الواقعي الذي لم يستطع الكاتب أن ينفي وجوده في رواياته رغم أنه كان يتعارض مع مثله النبيلة الذاتية.
لقد عكس تورجينيف في رواياته صورة للبطل المثقف وقد كان ما يجذبه في هذا البطل هو شخصيته المتميزة روحيًّا وعقليًّا، والتي أحيانًا ما تكون بطولية في بحثها عن السعادة العامة. وتورجينيف في تناوله لهذه الشخصية يعطي تصويرًا متعدد الجوانب للأبحاث الفكرية والاجتماعية والأخلاقية للشخصية؛ ولذا نجد أن الأفكار والمعتقدات الأخلاقية والفلسفية تعتبر في رواية تورجينيف القوة المحركة التي تقود الأبطال، وتحدد علاقتهم بالواقع وبالموضوعات التي تمس وجودهم.