يأخذنا الدكتور لانج في هذا الكتاب الفريد في رحلة تتعلق بالخبرة والموضوعية والمعرفة الإدراك:
"فيما يتعلق بالمعرفة والإدراك المستمدين مباشرة من خبرتنا الخاصة، لا يعرف أي منا عنهما معرفة جوهرية أكثر من الرجال والنساء في أوقات أخرى وأماكن أخرى وربما يعرف ويدرك أقل منهم بكثير. من ناحية أخرى، على عكس المعرفة الشخصية نتيجة الخبرة المباشرة، تتراكم البيانات غير الشخصية من الملاحظة الموضوعية، وسجلات الاستدلال، والفرضيات والنظريات المتعلقة بها والتجارب التي تجرى عليها من جيل إلى جيل. وهذا النوع من المعرفة غير التجريبية يغير طبيعة الخبرة الإنسانية، وجميع أشكال الحياة على هذا الكوكب، بطرق يصعب تخيلها، ناهيك عن تحقيقها بالكامل.
وقد أدى تحالف الرياضيات والملاحظة الموضوعية المصقولة علميًّا، والتجريب، جنبًا إلى جنب مع الطرق المتفق عليها للتوصل إلى اتفاق حول الحقيقة المتفق عليها، إلى ظهور تكنولوجيا تغير كل حياتنا بسرعة غير مسبوقة ومذهلة، في كل شيء تقريبًا.
نقلتنا من السيوف والسهام إلى القنابل والصواريخ في أربعمائة عام. إننا في وضع فريد. هل نعرف كلنا هذا؟ هل ندركه؟
دُمِّر العالم بالفعل نظريًّا. هل يستحق عناء تدميره عمليًّا؟ إننا والعالم الذي نعيش فيه تلاشينا من النظرية العلمية منذ سنوات."
ولد رونالد ديفيد لانج في جلاسجو في عام 1927، وتخرج في كلية الطب جامعة جلاسجو. وهو أحد أشهر الأطباء النفسيين في القرن العشرين، ليس في بريطانيا فحسب بل والعالم أجمع، ويتسع مجال اهتمامه ليمتد بين الطب النفسـي والنظريات الاجتماعية وكتابة الشعر، بالإضافة إلى كتبه الشهيرة قدم لانج عددا هائلا من المقالات والمراجعات في المجلات العلمية المختلفة.
رفض لانج النموذج الطبي لعلاج الأمراض النفسية وطور بدلا منه نموذج قائم على الخبرة، حيث يجب الانصات للاضطراب النفسي كتجلي لخبرة ما في حياة المريض يجب فهمها لكي يتم تجاوزها. توفى لانج عام 1989.