مازال (العود الأبدي) غامضاً عند الكثيرين، عامة ً وخاصةً، رغم أنه يُمارس من قبل الجميع كلّ يوم، ورغم أنه يشكل جوهر السلوك الديني، ولعل غموضه متأتٍ، بشكل خاص، من طريقة عرضه المشوبة بالكثير من اللبس والإبهام. لم يعد العود الأبدي سلوكاً أو فكرةً أو خرافة قديمة، بل أصبح نظاماً دينياً شاملاً يتضمن المكونات الرئيسية لأي دين معروف، فله معتقدات وأساطير وطقوس خاصة به.هذا الكتاب يوضِّح العود الأبدي بدقةٍ يحلل معتقداته الفكرية والفلسفية ويكشف عن الأساطير التي مهدت وأسست له وشكّلت رموزه ونماذجه البدئية وعن الطقوس التي مازال يمارسها أغلب الناس كنوعٍ من سلوك العود الأبدي، حيث نرى أن العود الأبدي موجود اليوم في سلوكنا وحياتنا بشكل واضح وعلينا كشف الوعي الجميل له والوعي الشقي به، فهذان الوعيان هما مايجعلانه إما مادة للإبداع أو مادة للقهر والإستبداد.من جانب آخر أصبحت منظومة (العود الأبدي) هذه موئلاً للمذاهب الأصولية، التي جنحت نحو السلفية والماضي، عندما تأدلجت دينياً وغدت نظاماً قهرياً واستبدادياً مارسه الأصوليون في الدين والسياسة بشكل خاص وغدت نظاماً سلبياً. أما في الأدب والفن فقد استثمره المبدعون الكبار في أعمالهم كأسطورة عميقة ودالة، وفي العلم ظهرت أصداؤه مع نظريات الكون المرآة وعلماء الكلانية وفي تأويلات نظرية الإنفجار الكبير.الكتب التي ناقشت العود الأبدي قليلة جداً وأغلبها يؤكد على جانب واحد منه، لكن هذا الكتاب يحاول فحص نظام العَود الأبدي بأكمله من معتقدات وأساطير وطقوس بل ويتحرى عنه في الشعر والرواية والتصوير و علوم الكون والفيزياء بشكل خاص. ويحاول الكتاب أن يجيب عن السؤال الآتي: هل العود الأبدي فكرة جميلـة مضللة؟ أم هي فكرة دينية تتلبس الفلسفة والعلم؟