تُعَدُّ قصص (الدب ويني بووه) للكاتب الإنكليزي (أ.أ. ميلن) من أشهر الأعمال الإنسانية المبكرة التي مزجتْ بين عالميْ البشر والحيوان في إطار خيالي واسع، وبمستوىً يقدِّم للأطفال حياةً هادئةً وآمنةً مع الحيوانات؛ ومغامراتٍ جميلةً وطريفة تنبع أهميتها من كونها تثيرُ أسئلةً كبرى، مستمرةً منذ قرن تقريبًا، وتجيبُ عن هذه الأسئلة كذلك. لتقرِّرَ بالتالي أنَّ قيمةً أخلاقيةً عُليا تقفُ وراء التعاطف والصَّداقة والمغامرة والتضامن والبحث وحبِّ الاستكشاف، وأنَّ طفلاً ما سينهلُ منها حين يقرؤها. إنَّ أهمَّ ما يميِّزُ الطفولة، باستثناء البراءة واللُّطف — ونعني في سنٍّ تمكِّنهم من التفاعل مع هذه القصص — ميِّزةُ الخيال. ولعلَّ أنجح الوسائل لتنمية خيال الطفل هي الحكاية. ليس ثمَّة طفل لا يذعن أمام الحكاية الجميلة، وليس ثمة خيال لا ينمو في حِضن الحكاية، وليس ثمَّة حكاية أكثر متعةً وحكمةً من تلك التي تُروى على ألسُن الطفل وأبيه ودُميته، ضمن تداخل أصوات الراوة (الأب، الابن، الدب). أمَّا الدب نفسُه فيحضر كدُمية في بداية القصة ونهايتها خلال مستوى السرد الأول، وكبطلٍ للقصص في مستوى السرد الثاني. وهذا التداخل ينجحُ إلى حدٍّ ما في تقديم قصص الأطفال. فشخصية كريستوفر روبن (الابن) مقيمةٌ في الغابة بالأصل، وهنالك تعلُّقٌ كبير ومتبادل بينه وبين الدب ويني بووه. صدور هذه الطبعة بالترجمة العربية يعدُّ خطوةً على طريق تعزيز مهارات القراءة للقارئ العربي، والطفل العربي، إذ أن هذه القصص — إضافةً لطرافتها وإمتاعها — تحمل مخزوناً تربوياً وقيمياً وضرورياً لبناء مجتمعاتٍ متوازنةٍ تبدأ من الطفل والعائلة أولاً.