هذا الكتاب هو خلاصة عمل العشرات من المُبدعين في مجال نمذجة النُّظُم وتدريسها لثلاثين عامًا. معظم هؤلاء المُبدعين من أعضاء مجموعة ديناميكا الأنظمة بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أو متأثرين بها، وعلى رأسهم جاي فوريستر، مؤسِّس المجموعة. قد يجد المرء عشرات الكتب حول "نمذجة الأنظمة" و"التفكير النُّظمي"، لكنَّ هذا لا ينفي وجود احتياجٍ حقيقي لكتابٍ بسيطٍ وملهِمٍ حول الأنظمة، ولماذا نراها محيِّرة أحيانًا وكيف نتعلَّم إدارتها بشكلٍ أفضل وإعادة تصميمها؛ أي لا يوجد أفضل من هذا الكتاب الذي بين يديك عزيزي القارئ.
بمجرد فهمنا للعلاقة بين الهيكل والسلوك، يمكننا فَهم كيفية عمل النُّظُم، وما الذي يجعلها تقدِّم نتائج متدنية، ونكتشف كيفية توجيهها إلى أنماط سلوك أفضل. بينما يواصل عالمنا تغيُّره السريع، ويصبح أكثر تعقيدًا، سيساعدنا التفكير النُّظُمي على رؤية طيف الخيارات الواسع أمامنا وإدارته والتكيُّف معه، إنها طريقة تفكير تمنحنا الحرية اللازمة لتحديد الأسباب الجذرية للمشكلات ورؤية الفرص الجديدة.
إذن، ما هو النظام؟ النظام عبارة عن مجموعة أشياء أو أشخاص أو خلايا أو جزيئات أو أيًّا كان، مترابطة بطريقة تجعلهم ينتجون نمطًا سلوكيًّا خاصًّا بهم بمرور الوقت. قد يتعرَّض النظام لاصطدام، أو تقييد، أو تحفيز أو توجيه من قِبَل قوى خارجية، لكن شكل استجابة النظام لهذه القوى خاصة به، ونادرًا ما تكون هذه الاستجابة بسيطة في العالم الحقيقي. من ناحية أخرى، تعاملنا جميعًا مع الأنظمة المعقدة، قبل أن نتعلَّم التحليل المنطقي بزمنٍ طويلٍ. نحن أنظمة معقَّدة؛ أجسادنا أمثلة رائعة على التعقيد المتكامل والمترابِط والمحافِظ على ذاتِه. كل شخص نلتقيه، كل مؤسسة، كل حيوان، أو حديقة، أو شجرة، أو غابة عبارة عن نظامٍ معقدٍ. لقد شكَّلنا فهمًا عمليًّا لكيفية عمل هذه الأنظمة وكيفية التعامل معها بشكلٍ حدسي، من دون تحليلٍ، ومن دون كلماتٍ في الغالب.