تتكون روح كل شعب من مجموع صفات تتولد في أفراده بالتوارث، لكن إذا اجتمع عدد من أولئك الأفراد للقيام بعمل من الأعمال تولدت عن اجتماعهم هذا أحوال نفسية جديدة ترتكز على أحوال الشعب، وقد تختلف عنها في كثير من الأوقات اختلافًا كبيرًا.
يقول غوستاف لوبون: إن إطالة التأمل في حوادث التاريخ دلتني دائمًا أن المجتمعات الإنسانية عويصة التركيب كالأفراد سواء بسواء، فليس في يدنا أن نحولها فجأة من حال إلى حال، نعم يتفق أن تُحدث الطبيعة تغييرًا كليًّا فجائيًّا، إلا أن ذلك لا يكون تابعًا لإرادتنا أبدًا، لذلك كان حب بعضهم للإصلاحات الكلية من أسوأ المؤثرات في الأمم مهما دلَّ النظر على حسنها؛ لأنها لا تكون مفيدة إلَّا إذا كان في الإمكان تغيير روح الأمة تغييرًا فجائيًّا، والزمان وحده هو صاحب هذا السلطان، والذي يحكم الناس مجتمعين إنما هي الأفكار والمشاعر والعادات، وكلها أمور موجودة فينا، وحينئذٍ ليست القوانين والنظامات إلَّا صورة من صور النفس العامة التي لنا وممثلة حاجاتها، وإذا كانت القوانين والنظامات صادرة عن النفس فهي لن تستطيع تغييرها.