غالبا ما تتسم رسائل الأدباء بالبساطة والتلقائية والصدق، وهي السمات التي قد لا تتوافر في سيرهم الذاتية، إذ يعمد الكاتب من خلال سيرته المكتوبة إلى تصدير الصورة التي يريد إلى قارئه، أما حينما يبوح إلى صديق من خلال رسالة فالأمر يصبح شخصيا وسريا تماما، يصبح شبيها بالتعري في غرفة تخصك بعيدا عن أعين الرقباء والمتطفلين .
لقد أدرك هيمنجواي الفرق بين كتابة الأديب عن ذاته وتعريته لذاته في اليوميات والرسائل، فثمة فارق بين أن يكتب عن نفسه كما في "وليمة متنقلة"، أو أن يبوح بمكنون النفس في رسالة لصديق أو حبيبة، فكان حريصا على أن تبقى خاصة بينه وبين المرسل إليه، لذا اعتاد أن ينهي رسائله لأمه بقوله "لا تقرئي هذا الكلام على أي شخص"، وفي رسالة أخرى كتب لها عن صحفية تعد مقالا عن فترة شبابه، وهدّد الأم إن تعاونت معها "أظن، سيكون موقفا سيئا جدا، أن أتوقف عن مواصلة المساهمة في تأمين حاجياتك في حالة نشرهم لمقالة من هذا النوع دون موافقتي".