تعتبر حادثة استشهاد الحسين بن علي في كربلاء إحدى أهم المآسي الإنسانية على مر التاريخ؛ حيث يتجلى الصراع الأبدي بين الخير والحق من جانب وبين الشر والنفعية من جانب آخر. ولتتضح الصورة أكثر بأن ما قد يبدو محض صراع على السلطة بين طرفين متناحرين هو في الحقيقة صراع ثائر ضد الظلم والطغيان بُذلت فيه أغلى الدماء. فيتحدث العقاد عن الحسين حفيد النبي موازنًا بينه وبين خصمه اللدود يزيد بن معاوية لنقرأ تحليل العقاد للشخصيتين، والفرق بين ما أسماه هو "أمزِجتهما" لنفهم جذور خصومتهما حتى يصل بنا إلى معركتهما الفاصلة على أرض كربلاء العراقية التي تظهر أحداثها وحشية غير مفهومة لم تُرَاعِ نسب الحسين الشريف، ذلك البطل الذي سار لمصيره بثبات شجاع لا يضره من خذله؛ لتظل سيرته الخالدة نبراسًا، وتترك اللعنات لقاتليه, هذا الكتاب فوق ما يشتمل على خصائص، فهو يجمع بين الحداثة والقدم في الوقت نفسه، فتضافرا رغم تنافرهما — فأثمرا فائدة باللغة الأهمية، فوجه القدم فيه يتمثّل في مادّته التاريخية، وموضوعه الذي استفاض الحديث عنه وهو الحديث عن سيرة وحياة سيد الشهداء، سبط النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: الحسين بن علي. وأمّا وجه الحداثة فيه فيكمن في القضايا والنكات المثارة فيه، فهو يعالج قضايا حيوية عديدة ترتبط بالإمام السبط والظروف التي كانت تحيط به، وبكربلاء وبعاشوراء ومن عدّة زوايا، وهي نوع من القضايا المتجددّة بطبيعتها، التي تلهم نخبة الأمة بالدروس والعبر، والتي لا تزال في حاجة ملحّة إلى جهد من الباحثين والمحقّقين لأجل كشف المزيد من جوانبها أكاديمياً وتطبيقياً.